قل: "الله أكبر"، واترك العالم خلف ظهرك
هل فكرت يومًا لماذا نبدأ صلاتنا بقول "الله أكبر"، وليس "سبحان الله"؟ عليك أن تدرك أن بقولك "الله أكبر"، فأنت تؤكد أن من ستقف بين يديه أعظم من أي شيء قد يشغلك في تلك اللحظة - أهم من عائلتك، أو فواتيرك، أو همومك. فقط تخيل عند رفع يديك، وقولك "الله أكبر"، فأنت تلقي كل هذا وراء ظهرك.
مدد وعون لا ينقطع
ما أفقرنا إلى استدامة النعمة، واتقاء النقمة، والاسترواح في الحياة إلى ما يجعل الله في الحياة من يسر وبركة وسكينة!!. إن هذا كله هو ما تكفله الصلاة للمؤمن.
إن الإسلام نظم وقفات كريمة يناجي الإنسان فيها ربه عدة مرات في اليوم الواحد. في هذه الوقفات يكلم الإنسان ربه، فيعترف أولًا بحمده ومجده، ثم يسأله بعد ذلك هداية تحف النعمة ويجانبها السخط.
في هذه الوقفات يقف الإنسان أمام ربه يستعينه ويسترضيه. يقف أمام ذي العلم الشامل ليكمل له قصور معرفته. وأمام ذي القدرة الهائلة ليكمل له ما يعجز عنه حتمًا لضعف قواه.
يقول الله تعالى في حديث قدسي:
"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فإذا قال: ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال: حمدني عبدي. وإذا قال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قال: أثنى علي عبدي. وإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال: مجدني عبدي. وإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قال الله: هذا عهد بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ... ﴾ [الفاتحة: 1-7] قال الله: لعبدي ما سأل".
[الإمام محمد الغزالي]
فكر للحظة
عندما نصلي، فكر للحظة في مدى صغر حجمنا في هذا الكون الهائل الكبير الذي خلقه الله تعالى، كقطرة ماء في محيط. نحن في الحقيقة لا شيء - في الحجم أو الزمن. ولذلك عندما نقول "الله أكبر" للبدء في الصلاة، حقًا هو الكبير، وعندما نقول "سبحان ربي العظيم"، حقًا هو العظيم.
تذكر هذه المعاني يساعدنا على التركيز أكثر أثناء صلاتنا، والاستفادة منها بشكل أفضل، فنجد مع نهاية الصلاة التسليم، والسكينة، والسلام في قلوبنا قد ازداد، وازداد معه تذكرنا بأن هذه الدنيا مجرد دار عابره لا مكوث فيها، وليست الوجهة النهائية. هذا يعيد تحديد وجهتنا إلى الآخرة، دار السلام والخلود، جزاء من الله وأجر لعباده المؤمنين. [طارق عزت]